الجنس في الثقافة العربية والغربية

يعتبر الجنس من أهم الجوانب التي يتم التحدث عنها في المجتمعات العربية والغربية على حد سواء.
ومع ذلك، تختلف الثقافات في النظرة للجنس وطريقة التعامل معه، وهو ما سنناقشه في هذا المقال بأسلوب علمي وثقافي.
الجنس في ثقافة العرب و الغرب
يعتبر المجتمع العربي من المجتمعات القديمة التي تتمتع بتاريخ طويل.
وبالتالي فإن العديد من المفاهيم والتقاليد التي تتعلق بالجنس قد تأثرت تاريخيا.
في المجتمعات العربية، الجنس ينظر إليه بشكل عام على أنه أمر خاص ومحرم.
ويعتبر الكلام عنه أمرًا محرجًا وغير لائق في العلن.
وهذا يعود جزئيًا إلى الثقافة الإسلامية التي تعتبر الجنس عملية مقدسة تحتاج إلى الحفاظ على خصوصيتها.
و هنا
يمكن القول أن الثقافة العربية تعتبر من الثقافات الأكثر تحفظًا من ناحية الجنس وأكثرها تحفظًا للموروث الاجتماعي والديني.
كما يعتبر الجنس موضوعًا حساسًا في الثقافة العربية ويتم التعامل معه بحذرٍ وحساسيةٍ كبيرتين.
في المقابل، تعتبر الثقافة الغربية أكثر انفتاحًا وتسامحًا بشأن الموضوعات الجنسية،
حيث يتم التحدث عنها بشكلٍ علني وصريحٍ أكثر من المجتمعات العربية.
وهذا يعود جزئيًا إلى الحرية الفردية التي يتمتع بها الأفراد في المجتمعات الغربية.
و تتيح الحرية لهم الحق في تحديد أنفسهم وتحديد أهدافهم الشخصية بحرية.
ومع ذلك، فإن هذا التحرر في الحديث عن الجنس في الثقافة الغربية ليس دائمًا يعني الانحلال والتفكك الاجتماعي.
النقاش الجنسي في الغرب يمكن أن يؤدي إلى تقبل أفضل للتنوع الجنسي وتحقيق رغبات واحتياجات الأفراد بطريقةٍ صحيحةٍ وآمنة.
أيضا، فإن الجنس في الغرب ليس دائمًا موضوعًا سهل المناقشة، حيث تعتبر بعض الأفكار والتصورات المنتشرة في الثقافة الغربية محرجة وغير مقبولة في بعض الأحيان.
وهذا يعود جزئيًا إلى التقاليد والقيم الدينية والثقافية التي قد تؤثر على النظرة للجنس.
من المهم ان ننظر للجنس بشكل علمي و ثقافي
ومع ذلك، يوجد تغيرات تدريجية في الثقافة العربية بشأن الحديث عن الجنس والجنسية.
ففي المجتمعات العربية الحديثة، يتم التحدث عن الموضوع بشكل أكثر انفتاحًا وصراحة بالمقارنة مع السابق.
وتزداد الكتابات والمنشورات الخاصة بالجنس في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي.
وفي هذا السياق، يشير البعض إلى أن الغرب قد يكون قد ساعد في دفع عجلة التغيير في الثقافة العربية.
فبالإضافة إلى الأفلام والمسلسلات، يمكن الإشارة إلى المطبوعات والكتب الغربية التي تناقش موضوع الجنس بشكل علمي ومفتوح، والتي تتعامل معه كموضوع طبيعي يجب التحدث عنه وفهمه.
من مقالة في مجلة “الأخبار” بعنوان “الجنس في المجتمعات العربية والغربية: فرق التفاعل” للكاتبة ريتا شمعون:
“يشير الباحثون إلى أن ثقافة المجتمع وتقاليده وقيمه هي التي تشكل نظرته إلى الجنس والجندرية، وأن الجنس يؤثر بدوره على طريقة تفاعل الأفراد مع بعضهم البعض ومع المجتمع ككل”.
ووفقًا لمجلة “ساينتفك” الأمريكية، فإن “الثقافات العربية تتميز بقيمها المحافظة على التقاليد والأخلاقيات، وتعاملها مع الجنس يتم بشكل محدود وخاصة داخل الأسرة والزواج”.
ويقول الأستاذ جون ج. ماكيلفين من جامعة هارفارد الأمريكية: “تعد الثقافات الغربية، بما في ذلك الولايات المتحدة، أكثر فتحًا تجاه الجنس، وتعاملها معه بشكل أكثر انفتاحًا وتحررًا”.
وعلى الرغم من تناول الثقافات العربية للجنس بشكل محدود، فإن الإسلام يعتبر مصدرًا رئيسيًا لتشكيل تلك الأخلاقيات والقيم، ويحرص المسلمون على الالتزام بتعاليم الدين فيما يتعلق بالجنس والمعاشرة الزوجية.
وفي الغرب، يعتبر الليبرالية والتحرر الجنسي مصدرًا لتحديات معينة، مثل العدوى بالأمراض المنقولة جنسياً والاستغلال الجنسي و الدعارة و تقنينها.
وفقًا لدراسة نُشرت في مجلة جماهير الأكاديمية في العام ٢٠٢١، توصل الباحثون إلى أن المعايير الثقافية والاجتماعية في الدول العربية تتطلب من الأفراد احترام المبادئ الدينية والأخلاقية، وتحتوي على تصورات محددة للجنس و الجندرية. ومع ذلك، فإن الثقافات الغربية تتميز بتقبلها لتنوع الجندرية والميول الجنسية، وتشجع على الحوار المفتوح بشأن هذا الموضوع.
ومع ذلك، يتباين التعامل مع الجنس في المجتمع العربي، فهناك من يرى أنها قضية تتعلق بالخصوصية الشخصية ولا يجب التدخل فيها، بينما ينظر آخرون إليها بطريقة أكثر احترامًا للتقاليد والقيم الاجتماعية.
تعكس المصادر الأمريكية هذا التباين في التعامل مع قضية الجنس في العالم العربي.
وتشير إلى أن الكثير من الشباب العرب يشعرون بالحيرة والخجل تجاه الموضوع.
ويشعرون بالقلق بشأن التعامل معه بطريقة صحيحة.
وفي هذا السياق، يذكر المثقفون والخبراء العرب أن الحوار والنقاش المفتوح حول هذه القضية يمكن أن يفضي إلى إيجاد حلول لمشكلات محددة.
كما يمكن أن يساهم في توعية المجتمع بأهمية الموضوع وأن يمكن التحدث عنه بشكل أكثر صراحة وثقة.
وتؤكد دراسة نشرتها مجلة “جورنال أوف سكس ريسيرش” الأمريكية أن الثقافة العربية تعتبر من بين الثقافات التي تضع قواعد صارمة للجنس، وتحد من حرية التعبير عن الجنسية والجنس بشكل عام.
وتشير الدراسة إلى أن “القيود الاجتماعية والدينية تمثل عائقًا أمام تعزيز الثقافة الجنسية الصحية في العالم العربي”.
في االنهاية يجب علينا كمجتمعات أن نتعامل مع الموضوعات الجنسية بطريقة مسؤولة وتعليمية، ونتجنب الخجل والتحرج والتمييز الذي يمكن أن يؤثر على الأفراد.